هل تستطيع آبل تحقيق معادلة الخصوصية في عالم الذكاء الاصطناعي؟

0

 

هل تستطيع آبل تحقيق معادلة الخصوصية في عالم الذكاء الاصطناعي؟



يترقب القطاع التقني بأكمله ما ستعلنه شركة آبل في مؤتمرها السنوي للمطورين (WWDC 2024) الذي سينطلق غدًا، لتعرّف كيفية إدماجها الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها.

ويأتي هذا الحدث وسط سعي آبل إلى محاولة اللحاق بركب المنافسين الرئيسيين الذين سبقوها بخطوات كبيرة في هذا المجال. فمنذ إطلاق روبوت (ChatGPT) في نوفمبر 2022، سارعت كبرى الشركات، مثل: جوجل، ومايكروسوفت، وأمازون، وميتا إلى إدماج تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي هذه في كافة منتجاتها وخدماتها.

بينما شركة آبل، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في أجهزتها – التي تشمل آيفون وآيباد وأجهزة ماك – منذ سنوات، لم تصدر أي إعلان رسمي مرتبط بهذه التقنية حتى اليوم، مما أثار تساؤلات حول تأخرها عن منافسيها في مجال الابتكار.

وقد ألمح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، خلال عرض أحدث نتائج الشركة في مطلع مايو الماضي إلى إعلانات مرتقبة خلال الأسابيع المقبلة، دون التطرق إلى تفاصيل إضافية.

لذلك يترقب المستثمرون بشغف ما ستقدمه آبل في مؤتمرها غدًا، خاصةً مع تراجع أداء أسهمها في الأشهر الماضية مقارنة بمنافسيها، إذ ارتفعت أسهم آبل بنسبة بلغت 1% فقط منذ بداية العام، في حين ارتفعت أسهم مايكروسوفت بنسبة بلغت 11%، وأسهم أمازون بنسبة بلغت 18%، وأسهم ألفابت – الشركة الأم لجوجل – بنسبة بلغت 24%.

وهنا نجد أنفسنا أمام عدة أسئلة مهمة: هل ستتمكن آبل من استعادة زمام المبادرة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال إعلاناتها في مؤتمر المطورين غدًا؟ وهل تستطيع تحقيق معادلة الخصوصية – التي تُعدّ مزيتها التنافسية – في عالم الذكاء الاصطناعي الذي يمثل كابوسًا للخصوصية؟

أولًا، لماذا يُعدّ الذكاء الاصطناعي كابوسًا للخصوصية؟

يُعدّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ثمنًا باهظًا يدفعه المهنيون لتحسين أدائهم، فما وراء رسوم الاشتراك التي تُفرضها شركات مثل: OpenAI ومايكروسوفت يكمن ثمن آخر وهو الخصوصية.

إذ تتطلب أدوات مثل (ChatGPT) اتصالًا بالإنترنت، حيث تُرسل طلباتك كلها إلى خوادم ضخمة لمعالجتها، بالإضافة إلى ذلك يُستخدم سجل محادثاتك مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي وبياناتك الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وهذا الأمر يُثير قلقًا كبيرًا حول أمان البيانات، خاصةً بالنسبة لأصحاب العمل.

لذلك لجأت بعض الشركات إلى فكرة إمادج الذكاء الاصطناعي في الأجهزة لمعالجة الاستعلامات في الجهاز نفسه بدلًا من الاضطرار لإرسال المعلومات إلى مكان آخر، ومن ثم مسألة الخصوصية لن تكون مشكلة كبرى، ولكن هذا الأمر ليس سهلًا نظرًا إلى أنه يتطلب معالجات قوية، وهنا آمال تحقيق ذلك معلقة على شركة آبل.

ثانيًا؛ ما الحلول التي قد تقدمها آبل للتغلب على تحدي الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي؟

لم تكن آبل عادةً هي السباقة في تبني التقنيات الجديدة، فقد دخلت سوق الهواتف الذكية متأخرة، كما لم تكن الأولى في طرح الساعة الذكية، لكنها تمكنت من السيطرة على كلا السوقين اليوم، وذلك بفضل تركيزها في تصميم أجهزة سهلة الاستخدام.

ولكن هل تكرر آبل نجاحها في مجال الذكاء الاصطناعي؟

يتطلب بناء الذكاء الاصطناعي التوليدي معالجات قوية، وهنا تهيمن شركة إنفيديا على سوق الخوادم المعتمدة على الخدمات السحابية، ولكن آبل تتمتع بإمكانيات هائلة قد تمكنها من أن تصبح الأولى في تشغيل الذكاء الاصطناعي في أجهزة أصغر حجمًا.

تجري أبحاثًا مكثفة حول سبل استخدام الذكاء الاصطناعي في الهواتف والحواسيب دون الحاجة إلى الاتصال بخوادم خارجية، إذ إنها تمتلك الموارد اللازمة للتغلب على التحديات في هذا المجال، بفضل قيمتها السوقية التي تُقدّر بنحو 3 تريليونات دولار، في حين تواجه الشركات الأخرى صعوبة في تحقيق ذلك.

حلول آبل المتوقعة:

1- معالجات استثنائية:

تشير الكثير من التقارير إلى أن آبل قد طورت بالفعل محركًا عصبيًا جديدًا ستضيفه إلى معالجات هواتف آيفون 16 القادمة، لتكون هواتفها قادرة على تشغيل مزايا الذكاء الاصطناعي القادمة في نظام iOS 18، التي ستعلنها آبل غدًا.

بالإضافة إلى ذلك، قدمت آبل بالفعل شريحة M4 الجديدة الفائقة السرعة في جهاز (iPad Pro) الذي أطلقته في الأسواق خلال شهر مايو الماضي.

وتتمتع شريحة M4 بتصميم فريد يعتمد على تكنولوجيا 3 نانومتر من الجيل الثاني، وتمتاز بأنها تضم المحرك العصبي الأكثر قوة على الإطلاق، إذ إنه قادر على تنفيذ ما يصل إلى 38 تريليون عملية في الثانية، مما يعني أنه أسرع حتى 60 مرة مقارنة بأول محرك عصبي من آبل في شريحة A11 Bionic.

لذلك ستقدر أجهزة آبل التي تعمل بهذه الشريحة على تنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي في الجهاز نفسه وليس عبر السحابة، وهو أمر تسعى إليه آبل بشدة للحفاظ على خصوصية مستخدميها في عالم الذكاء الاصطناعي.

2- بناء نماذج صغيرة:

ركزت الكثير من الشركات في بداية ثورة الذكاء الاصطناعي في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، فعلى سبيل المثال: ركزت شركة (OpenAI) في مضاعفة حجم نماذجها اللغوية، معتقدةً أن ذلك سيؤدي إلى تحسين أدائها. وقد أدى ذلك إلى تقديم نموذج (GPT-4) الذي يقال إنه يحتوي على تريليون مُعامِل، فيما تعمل أمازون على تطوير نموذج (أوليمبوس) Olympus، الذي يُعتقد أنه يحتوي تريليوني مُعامِل.

ولكن سرعان ما أدركت الشركات أن النماذج اللغوية الضخمة تتطلب موارد حوسبة كبيرة، وتستهلك الكثير من الطاقة، مما يجعلها غير قابلة للتشغيل في الأجهزة، لذلك اتجهت الكثير من الشركات إلى مسار مختلف، وهو تصغير حجم هذه النماذج وجعلها أكثر كفاءة من ناحية الطاقة، وهذا ما قدمته جوجل في نموذج (Gemini)، إذ قدمته في ثلاثة إصدارات متفاوتة الإمكانيات، وهي: Nano وPro وUltra.

ويُعدّ إصدار (Nano) من النموذج، هو الإصدار الأخف والأقل من حيث الإمكانيات، وقد صُمم للعمل في الهواتف الذكية، كما تسعى جوجل حاليًا إلى إدماجه مباشرةً في متصفح كروم.

كما تتبع شركات أخرى النهج نفسه، وأبرزها: (ميسترال) الفرنسية الناشئة – التي أسسها باحثون بارزون في مجال الذكاء الاصطناعي – حيث تعمل على بناء نماذج صغيرة، تعتمد على خوارزميات متطورة تجعلها قادرة على تنفيذ مهام كبيرة دون الحاجة إلى قدر كبير من الطاقة.

وفي الختام، يبدو أن آبل على أعتاب تحقيق إنجازات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل توجهها نحو بناء معالجات قوية ونماذج صغيرة وكفؤة من ناحية الطاقة، مما يمكنها من تشغيل الذكاء الاصطناعي في أجهزتها دون التأثير سلبًا على خصوصية المستخدمين.

هل تستطيع آبل تحقيق معادلة الخصوصية في عالم الذكاء الاصطناعي؟

بينما ننتظر إعلانات آبل في مؤتمر WWDC 2024، نتساءل: هل ستتمكن آبل من استعادة زمام المبادرة في مجال الذكاء الاصطناعي؟ وهل ستستطيع تحقيق معادلة الخصوصية في عالم الذكاء الاصطناعي؟ الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات، ولكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن آبل تمتلك القدرة والإمكانات لتحقيق ذلك.

تابعونا لمعرفة المزيد من الأخبار والتحديثات حول هذا الموضوع، ولا تنسوا مشاركة آرائكم وتوقعاتكم في التعليقات أدناه!

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)